منذ ثلاث سنوات دخل البلد في أتون مخيف باستشهاد الرئيس رفيق الحريري وكانت كافة التوقعات والتحاليل تشير الى ان البلد قادم على استحقاقات خطيرة ومصيرية ليس على مستوى لبنان وحسب بل على صعيد الاقليم ككل، خاصة وان هناك اصابع اشارت الى ان سوريا كانت وراء الاغتيال.
ساحة رياض الصلح في 8 آذار
استشهاد الرئيس الحريري والاتهامات التي تلته ادت الى مظاهرتين شملت كل الشعب اللبناني، قسمته وربما تطورت المظاهرتان ووصلتا الى حد الثورة فكانت الأولى في الثامن من آذار في ساحة رياض الصلح لتقول شكراً سوريا الأسد والثانية في الرابع عشر من الشهر نفسه في ساحة الشهداء لتقول وداعاُ سوريا والى غير رجعة.
في كل عام من الوقت عينه وفي المكان نفسه تتجدد الثورتان وقسم لبنان بطريقة غير مباشرة بالرغم من ان هاتان الثورتان كانتا ضد التقسيم والتدويل والتوطين.فالجنوب، نصف الجبل ونصف بيروت للثامن من آذار والشمال والنصفين الآخرين لكل من الجبل وبيروت لجماعة الرابع عشر. أهذا ليس بتقسيم؟
ثم ان كل ثورة اصبح لديها عديدها وعتادها، اهذا ليس بتدويل؟
كما اننا رأينا وجوه فلسطينية يشاركون في المظاهرات والاعتداءات والخروقات لقوانين الدولة اهذا ليس بتوطين؟ اليس توطين ان تؤيد وتشارك وتعارض الفصائل الفلسطينية المسلحة قرارات تخص الكيان وتمس بالأمن؟؟
الرابع عشر من آذار فازت بالسلطة وقالت شكراً وألف شكر للشعب، وتحول زعماء الثامن من آذار الى معارضة، الاستفزاز اصبح العنصر الأساسي في الخطابات، الاتهامات ازدادت حدة وكبر عدد الشهداء من الاغتيالات السياسية الى حرب تموز الى نهر البارد وأخيراً ما سمي بالعصيان المدني، المعارضة تتهم الموالاة بالخيانة والموالاة تتهم المعارضة بتدمير البلد والارتهان كمية السلاح ازدادت، عدد المهاجرين يكبر السياحة شبه مشلولة والاقتصاد يقف على حافة الانهيار، وحش الغلاء يهجم والحقد، الكره والبغض اصبحوا اسياد الشعور.
ساحة الشهداء في 14 آذار
الموالاة تتخذ القرارات وتطلب دعم الرأي العام والمعارضة تعارض وتطلب دعم الرأي العام ايضاً تزداد التوترات فيعودون الى الحوار وهو لا يمت الى حوار بصلة حوارين على مختلف المستويات فاشلين، تغيرت طريقة الحوار الى ثنائية وفشلت طلبوا دعم الجامعة العربية فكان أيضاً حوار ثلاثي فاشل، امين عام الجامعة "موسى: تفاءلوا سنجد الحل!!" والحل يزداد تعثراً يغادر موسى ويعود مراراً وتكراراً لماذا؟ لا احد يعلم.
الاعتصام في وسط بيروت زاد الاقتصاد سوءاً وخط الخروج في المطار يعج بالناس خطوط الطيران لا تهدأ ابواب السفارات شرعت اسبانيا المانيا اوستراليا اميركا... المهم ان يخرجوا الى اين؟ الى اي مكان، متى العودة؟ لا احد يعلم وعلى الأرجح لا عودة.
اعتصام وسط بيروت
أخيراً قراري الحكومة تجاه شبكة الاتصالات والعميد وفيق شقير فانفجرت الأزمة المعارضة والعصيان المدني، ظهرت الأسلحة واستعملت حرقت سيارات وقتلت ناس ابرياء الطرقات قطعت والمطار توقف.الحكومة عند موقفها والمعارضة تضعها امام خيارين احلاهما مر اما التراجع عن القرارات واما ان تجبر على التراجع والناس منشغلون مع الأسلحة والموت في الشارع والجيش يراقب سقوط الضحايا من دون ان ينبث ببنت شفة او يحرك ساكناً.تراجعت الحكومة عن القرارات المهمة مجبورة ووضعتها بتصرف الجيش، فازت المعارضة، هدرت دماء ابرياء واجتمعت القمة العربية في اجتماع طارئ لوزراء خارجيتها بعد ايام من اعلان الاعتصام وتمخض عن اجتماعها لجنة لحل الأزمة، وصلت اللجنة، حملت الأفرقاء وطارت بهم الى قطر وكأنه لم يعد هناك في لبنان امكنة تليق بحكامنا وضيوفهم.
من اساليب العصيان المدني
بعد هذا كله الرأي العام في الموالاة يتساءل: لماذا اتخذت الحكومة هكذا قرارات ان كانت ستتراجع عنها؟ لماذا سببت باهدار الدماء البريئة وما ذنب الشعب المسكين؟ وان كانت لا تعرف سابقاً ان قراراتها سيؤديان الى هكذا عواقب خطيرة تمس بالسلم الأهلي والأمن القومي، فهي ليست اهلاً لاستلام السلطة.
والرأي العام في المعارضة يقول: لقد عاهدناكم وبايعناكم لأنكم مقاومة تحاربون العدو الصهيوني، لا لأن تقتلون اهلنا واخوتنا في الوطن وتحاربون ارضنا وتدمرون كياننا، لم نبايعكم لنرى العلم السوري يحل مكان العلم اللبناني؟
وأصبح الشعب بمختلف طبقاته واتجاهاته يتساءل ان كانت الأزمة لبنانية لماذا يحاولون انهاءها خارج لبنان؟ هل هناك دولة في العالم تهمها مصلحتنا اكثر مما تهمنا؟
اليوم، علم الشعب الاعيبكم وسيكون على يقين بها بعد حين، لقد علم الشعب ان ارض الوطن هي الأساس لقد كان يقرأ مسلسلاتكم التي سبقت واليوم بدأ يفهم تكتيك تضارب مصالحكم وغداً سوف يكتب سيناريو الثورة...فويل لأمة أحزابها ميليشيات وحكومتها متخانعة وجيشها يخاف ويلكم من ثورة الشعب، ويلكم من ثورة الشعب، ويلكم من ثورة الشعب...